كلمة السيد محمد مهدي بنسعيد, وزير الشباب والثقافة والتواصل
السيد محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل
رئيس مؤسسة الخزانة السينمائية المغربية
بين المغرب والسينما علاقة وثيقة وعميقة فمنذ نشأة الفن السابع، تم تصوير أفلام في الإمبراطورية الشريفة في نهايةالقرن 19، والتقطت روعة المناظر الطبيعية وغنى التراث. وسرعان ما تبنّى المغاربة هذا الوسيط التعبيري، مجسدين في أفلامهم المواقع الأثرية، والمعالم والتقاليد الوطنية، قبل أن يعبروا من خلال السيناريوهات والدراما عن النضالات والشغف الذي يميز الأمة. ولم يقتصر دورهم على التمثيل والإخراج فحسب، بل ساهموا أيضاً في مختلف مهن السينما وتقنياتها من سيناريو وتصوير، وصوت، وديكور وإنتاج.
من هذه الملحمة السينمائية، لا تزال آلاف الأفلام والملصقات والسيناريوهات والصور والديكورات والأرشيفات المختلفة محفوظة. إن هذه الثروة مهددة بالتآكل والنسيان بفعل الزمن، وهنا تأتي مهمة " الخزانة السينمائية المغربية " التي تسعى للحفاظ على هذا الإرث وصيانته للأجيال القادمة. وهي مفتوحة أمام المتبرعين، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات،وتعمل على تخزين هذا الكنز وفق المعايير المثلى للحفظ.
كما، تسعى الخزانة السينمائية المغربية إلى نشر هذا التراث السينمائي بين الجمهور المغربي، الذي يُعرف بشغفه بالسينما. فمنذ البدايات، ازدهرت قاعات السينما في مختلف أنحاء المغرب، مستقطبة جمهوراً متنوعاً من مختلف الطبقات الاجتماعية والمناطق والشرائح العمرية. ورغم التحولات التي شهدها استهلاك الأفلام، لا يزال المغرب يتميز بحيوية شغفه السينمائي، كما تعكسه المهرجانات السينمائية ذات الصيت العالمي، واستوديوهات التصوير التي تستقطب أضخم الإنتاجات العالمية، فضلاً عن المدارس المتخصصة التي تحظى بسمعة مرموقة على المستويين الإفريقي والدولي حفاظا على هذاالتاريخ الطويل الذي يربط بين المغرب والفن السابع. وتهدف الخزانة السينمائية المغربية إلى تطوير هذه الثقافة السينمائيةوالبحث السينمائي، من خلال عروض لأفلام ومعارض ومؤتمرات، إلى جانب توفير بيئة ملائمة للباحثين والجمهور المهتم.
وتأتي هذه المهمة في سياق النهضة الثقافية التي يشهدها المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والهادفة إلى الحفاظ على تراثنا الغني بكل أشكاله المادية واللامادية. ومن خلال التعاون مع مختلف المؤسسات الثقافية، كالمكتبات ومعاهد البحث والجامعات والمدارس العليا والمتاحف والمراكز الثقافية، تسعى الخزانة السينمائية المغربية إلى أن تكون ملتقا للحوار والتبادل، وإلى إعادة السينما إلى قلب المجتمع المغربي المنفتح والمتعدد.