
الرئيسية / برمجة
برمجة
تُعَدُّ برمجة الخزانة السينمائية المغربية فنًّا قائماً على إضفاء بُعدٍ تأويلي على العروض السينمائية، حيث لا يقتصر الأمر على مجرد تسلسل زمني لعروض الأفلام، بل يتمحور حول إقامة حوار بين الأعمال السينمائية، ونسج الروابط الجمالية والموضوعاتية، ورسم الخطوط الكبرى التي تتيح استكشاف ديناميات تطور اللغة السينمائية. كما أنها تُشكّل عملية ثقافية تتجاوز العرض المجرد، والهدف هو تقديم أعمال سينمائية بارزة، غالبًا ما تكون غير معروفة أو مُغيبة بسبب المسارات التجارية، مع استعادتها في رونقها الأصلي بفضل جهود الترميم. لكن الخزانة السينمائية المغربية لا يمكن أن تكون مجرد معقلاً للماضي، لأن البرمجة تعني أيضًا مساءلة صدى الأعمال السينمائية المعاصرة، بل وحتى الطليعية، فهي مساحة للاستكشاف، تقدم مراجعات شاملة، تركز على مسارات السينمائيين، وانغماسًا في سينمات مغمورة، مما يفتح آفاقًا تتجاوز القيود التي يفرضها السوق. وتُرافق البرمجة الجيدة بعمل تأطيري يضم لقاءات مع مؤرخي السينما، ونقاشات مع صناع الأفلام، مما يتيح وضع الأعمال في إطار فكري أوسع، ويمنح المشاهد أدوات لفهمها بعمق يتجاوز المتعة الفورية.
باختصار، برمجة الخزانة السينمائية المغربية هي هندسة لرؤية تسمح لنا بمشاهدة السينما بصورة مختلفة.
البرنامج الافتتاحي لهذه السنة، نطلق في شهر فبراير أول دورة افتتاحية لنا من خلال إعادة عرض 12 فيلمًا من الاختيار الرسمي للدورة 21 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وهي أفلام مدعومة من ورشات الأطلس، التي تمثل منصة انطلاق للمواهب الناشئة المغربية والعربية والإفريقية.
أما في أبريل، فسنواصل عروضنا بـ ماراثون السينما ‘100 عام، 100 يوم، 100 فيلم’، وهو برنامج يستكشف تحولات السينما العالمية عبر التاريخ، بمقاربة ديناميكية لا تعتمد على التسلسل الزمني التقليدي. سنركز على اللحظات التي أعادت السينما فيها ابتكار نفسها، وأعادت تشكيل لغتها، من إيزنشتاين، فريتز لانغ، مورناو، مرورًا بـ ويلز، كوروساوا، دي سيكا، وصولًا إلى غودار، أنطونيوني، كوبريك، تاركوفسكي، برغمان، وغيرهم من المخرجين الذين كسروا القوالب الكلاسيكية. سنتطرق أيضًا إلى هوليوود الجديدة، حيث ظهرت لغات سينمائية أحدث، تعكس تغيرات المجتمع الأمريكي، عبر شخصيات غير نمطية وأبطال يحملون نظرة مفعمة بالشك في المؤسسات. أسماء مثل فرانسيس فورد كوبولا، مارتن سكورسيزي، ستيفن سبيلبرغ، ديفيد لينش، تيرينس ماليك وغيرهم، سيكونون في قلب هذه الدورة. كما سنسافر مع السينما الآسيوية إلى عوالم وونغ كار واي المعلقة بين الزمن، وتأملات عباس كياروستامي الشاعرية، وأفلام شوهِي إيماورا التي تجمع بين القسوة والضوء. وسنتعمق في السينما الباروكية، التجارب الحسية، السخرية الاجتماعية، والكوميديا، سواء السوداء أو الخفيفة. أما السينما المغربية، فستكون جزءًا رئيسيًا من البرنامج، إذ إن العديد من أعمالنا الجريئة، التأملية أو الشعرية، تخطت الحدود التقليدية، وطرحت تساؤلات جوهرية عن ديناميكيات مجتمعنا وانقساماته. وأخيرًا، سنحتفي بالسينما الإفريقية، التي تفرض نفسها عبر موجة جديدة، تعكس هويات متحركة، وتقدم وعودًا جمالية وإنسانية غنية ومتنوعة.
سيتم نشر البرنامج الكامل قريبًا، لإرضاء شغف عشاق السينما الذين ينتظرونه بفارغ الصبر
سودان يا غالي
خلال الفترة المضطربة التي سبقت الانقلاب العسكري في السودان سنة 2019، اندلع صراع على السلطة بين الجيش والمجموعة شبه العسكرية "قوات الدعم السريع"، التي أحكمت قبضتها على ثروات البلاد، وأجبرت الملايين على مغادرتها بسلوك طريق المنفى. في هذا السياق، خاض مجموعة من الشباب الذين يحلمون بسودان ديمقراطي جديد..